كلمة وجیزة لمن يبرر البربرية الصهيونية
بقلم: حیدر غلامي

في أعقاب العدوان الصهيوني على قطاع غزة والإبادة الجماعية غير المسبوقة التي تستمر حتى يومنا هذا، يتجنب بعض الناس، إدانة الصهاينة بشكل مباشر بمختلف التبریرات، بل ويعتبرونهم بمثابة المقاتلين الفلسطينيين. إن هذه المواقف تبرر بطريقة أو بأخرى جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة وتتجاهل الجرائم المستمرة التي يرتكبها النظام الصهيوني منذ أكثر من 80 عامًا.

منذ بدء العدوان الصهيوني الغربي على غزة، صمت البعض عن هذه الإبادة الجماعية غير المسبوقة بحجة تحميل حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي أو أنهم من خلال الإيماءات الفكرية التنویریة والتذكيرات العرضية بذلك الهجوم، لا يتجنبون إدانة الصهاينة صراحة وبشكل مباشر فحسب، بل عندما يتخذون موقفاً فإنهم يلومونهم ويدينونهم على نفس المستوى مع حماس وغيرها من المقاتلين الفلسطينيين، أو حتى أقل منهم. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى النقاط التالية والتفكير فيها:

مثل هذه المواقف، عن قصد أو عن غير قصد، تعزز نوعاً من اللامبالاة وتبرر "جرائم الحرب" و"الجرائم ضد الإنسانية" و"الإبادة الجماعية" ضد الشعب الفلسطيني المضطهد في غزة..

لقد تجاهل هؤلاء أكثر من 80 عاماً من الاحتلال المتواصل واغتصاب الأرض الفلسطينية والتهجير والقمع والسجن والتعذيب والاغتيال والقتل والإبادة الجماعية؛ وقد اختصروا بدايتها إلى 7 أكتوبر من العام الماضي (7 أكتوبر 2023)؛ وهم يتجاهلون أو لا يبالون بكل هذا العدوان والاحتلال والإبادة والقمع.

 إن النظام الصهيوني وحلفاءه الأميركيين والغربيين، بانتهاكهم لاتفاق وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة، بالإضافة إلى حصارهم المتجدد لقطاع غزة منذ 55 يوماً ومنعهم دخول أي مساعدات إنسانية، بما في ذلك الماء والغذاء والدواء والوقود وغيرها، استأنفوا خلال الأربعين يوماً الماضية الإبادة الجماعية الوحشية في غزة بحرية أكبر، في ظل الضوء الأخضر والصمت المخزي من العالم والأمم المتحدة وحتى الآن، بالإضافة إلى تدمير الغالبية العظمى من البنية التحتية والمراكز الطبية والتعليمية والمساكن وغيرها، فقد قتلوا وجرحوا أكثر من 168 ألف شخص أغلبهم من النساء والأطفال؛ كما أن أكثر من مليوني شخص من هؤلاء المضطهدين والمعذبين والمتشردين والنازحين والمشردين، إلى جانب آلاف الجرحى والمعاقين والمرضى، بلا طعام ولا ماء، وغيرهم، هم أهداف للقصف والهجمات الصاروخية من قبل هؤلاء الجزارين عديمي القلب في كل لحظة.

كيف وبأي ذريعة يريدون تبرير الهجمات الجوية والصاروخية المتكررة الأخيرة التي يشنها هذا النظام اللإنساني على الدول المجاورة له واحتلال أجزاء أخرى من أراضيها، فضلاً عن اغتيال وقتل الآلاف من الناس، فضلاً عن زيادة احتلال الأراضي الفلسطينية وتهجيرهم بالقوة، وبناء المستوطنات الاستعمارية، وإبادة الشعب الفلسطيني المظلوم في الضفة الغربية (952 شهيداً وأكثر من 7000 جريح معظمهم من النساء والأطفال، وأسر 16400 شخص)؟!

وأتمنى أيضاً أن يكون هؤلاء المدافعون عن الصهاينة المتعطشون للدماء قساة القلوب وعدیمي الرحمة قد أدركوا أن هدف الصهاينة منذ بداية الاحتلال والعدوان كان تطهير اسم فلسطين والشعب الفلسطيني. ولقد كان ولا يزال تشكيل الدولة الصهيونية في الأرض الوهمية من النيل إلى الفرات ونرجو أن يكون هؤلاء المبررون قد أدركوا الحقيقة وهي أن جراثیم الفساد تشكل تهديداً خطيراً للمبادئ والقيم الدينية والإنسانية والأمن الإقليمي والعالمي.

النقطة الأخيرة هي أن عدداً كبيراً من هؤلاء المبررين یتشدقون بالنظرة الإنسانية ودين الإنسانية والخروج من دائرة الدین الضيقة والعقائدية! ويتحدثون عن الدفاع عن الإنسان، كما يقول الفلاسفة: "الإنسان بما هو الإنسان" ويتحدث بعضهم بصراحة عن الحقوق الجنسية للمثليين ويدافعون عنها في هذا الصدد.

ولكن للأسف الشدید يبدو أن في قاموس هؤلاء الناس، المسلمون وخاصة المسلمون الفلسطينيون هم خارج دائرة الإنسانية وحتى دائرة الحيوان اتباعاً للصهاينة وإلا فإنهم كانوا سيعطون هؤلاء المسلمين المضطهدين من الحقوق ما لا يقل عن حقوق الحيوانات.

وأسأل الله العزیز الرحيم أن يرينا الحقيقة كما هي ویرزقنا اتباعه ویرینا الباطل على حقيقته ویرزقنا الکراهیة والبعد عنه. أدعو الله تعالى بصدق أن يستجيب في هذه الظروف الصعبة والحرجة والحزينة لدعوات الشعوب المظلومة وطالبي الحرية والعدالة في العالم، وأن يمنحهم القبول والدعم والنصر، وخاصة في فلسطين ویکف عنهم شر الظالمين.